الوحام عند الحامل: الأعراض والعلاج

الوحام عند المرأة الحامل: مفهومه، أعراضه وطرق التعامل معه

الوحام هو حالة شائعة تحدث في بداية الحمل، وتعتبر من الظواهر التي تترافق مع تغيرات فسيولوجية ونفسية تحدث للمرأة الحامل. غالباً ما يتسبب الوحام في تغييرات كبيرة في مزاج الحامل وعاداتها الغذائية، وقد يكون مزعجًا لبعض النساء بينما لا يؤثر بشكل كبير على أخريات. في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل ماهية الوحام عند المرأة الحامل، الأعراض التي ترافقه، بالإضافة إلى طرق التعامل معه وتخفيف تأثيراته.

ما هو الوحام؟

الوحام هو مصطلح يستخدم لوصف مجموعة من التغيرات النفسية والجسدية التي تمر بها المرأة الحامل، وتكون عادة مرتبطة بالرغبات الشديدة في تناول أنواع معينة من الطعام، أو في بعض الأحيان، النفور من بعض الأطعمة أو الروائح. تبدأ هذه الحالة عادة في الأسابيع الأولى من الحمل وتستمر غالباً حتى الأسبوع 12، على الرغم من أن بعض النساء قد يشعرن به لفترة أطول.

تعد هذه الحالة نتيجة لتقلبات هرمونية كبيرة تحدث في الجسم، وتحديداً بسبب الزيادة في مستوى هرمونات الحمل مثل هرمون “البروجسترون” و”الإستروجين”. هذه التغيرات الهرمونية تؤثر على الجهاز العصبي والمعدة وتدفع الجسم إلى طلب بعض الأطعمة أو زيادة في اشتهاء أطعمة معينة.

أعراض الوحام

تتفاوت أعراض الوحام من امرأة لأخرى، لكن هناك بعض الأعراض المشتركة التي تعاني منها معظم النساء الحوامل. يمكن تلخيص الأعراض الرئيسية للوحام فيما يلي:

1. الرغبة الشديدة في تناول أطعمة معينة:
   قد تشعر المرأة الحامل برغبة ملحة في تناول أطعمة معينة، سواء كانت صحية أو غير صحية. ومن أكثر الأطعمة التي تشتهيها النساء الحوامل هي الأطعمة الحلوة، المالحة، أو الحمضية. على سبيل المثال، قد ترغب الحامل في تناول المخللات، الشوكولاتة، البطاطا المقلية، أو الفواكه الحمضية.

2. النفور من بعض الأطعمة أو الروائح:
   على الرغم من أن الوحام يشمل الرغبة في تناول أطعمة معينة، إلا أنه قد يترافق أيضًا مع النفور من بعض الأطعمة أو الروائح. قد تلاحظ الحامل أنها أصبحت حساسة جدًا للروائح، أو أن بعض الأطعمة التي كانت تحبها قبل الحمل أصبحت تسبب لها شعورًا بالغثيان أو الاشمئزاز.

3. الشعور بالغثيان والقيء:
   يصاحب الوحام في كثير من الأحيان شعور بالغثيان، خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. يمكن أن تتسبب التغيرات الهرمونية في شعور الحامل بالغثيان بشكل مستمر أو متقطع، مما يزيد من صعوبة تحمّل بعض الروائح أو الأطعمة.

4. زيادة في شهية الطعام أو نقصانها:
   تتراوح تأثيرات الوحام على شهية الطعام بين الزيادة والنقصان. في بعض الأحيان، قد تشعر المرأة الحامل بأن شهية الطعام لديها قد ازدادت بشكل ملحوظ، بينما في أوقات أخرى قد تشعر بفقدان الشهية تمامًا.

5. الحساسية المفرطة للطعام:
   قد تشعر المرأة الحامل بحساسية مفرطة تجاه الأطعمة ذات المذاق القوي أو الروائح القوية. يمكن أن تكون الروائح القوية للمشروبات أو الأطعمة مثل القهوة، التوابل، أو حتى اللحوم المقلية مزعجة للغاية، مما يزيد من الصعوبة في تناول الطعام بشكل طبيعي.

أسباب حدوث الوحام

يعود الوحام إلى عدة أسباب تتداخل فيما بينها، وفيما يلي أهم العوامل التي تسهم في حدوث الوحام عند المرأة الحامل:

1. التغيرات الهرمونية:
   تؤدي الزيادة المفاجئة في مستويات الهرمونات مثل “البروجسترون” و”الإستروجين” إلى تغيرات في جهاز المرأة العصبي، مما يسبب تغييرات في الذوق والرغبات الغذائية. تتأثر أيضًا المواد الكيميائية في الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين، التي تلعب دورًا في تنظيم المزاج والشعور بالمتعة، مما قد يعزز رغبات المرأة الحامل في تناول بعض الأطعمة.

2. التغيرات النفسية والعاطفية:
   قد تكون الضغوط النفسية والعاطفية جزءًا من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الوحام. يمكن أن تشعر المرأة الحامل بتقلبات مزاجية حادة نتيجة للمشاعر التي ترافق الحمل، مثل القلق، التوتر، أو الخوف من المستقبل، مما قد يزيد من رغبتها في تناول أطعمة معينة لتخفيف هذه المشاعر.

3. احتياجات الجسم الغذائية:
   في بعض الأحيان، قد يكون الوحام استجابة لاحتياجات الجسم من مواد غذائية معينة. على سبيل المثال، قد تشتهي المرأة الحامل الأطعمة الغنية بالحديد أو الفيتامينات إذا كانت تعاني من نقص في تلك العناصر. هذا قد يفسر الرغبة في تناول المأكولات مثل اللحوم أو الخضروات الغنية بالعناصر الغذائية.

4. العوامل الثقافية والاجتماعية:
   تؤثر الثقافة والعادات الاجتماعية على كيفية تجربة المرأة للوحام. في بعض الثقافات، قد يتوقع أن تشتهي المرأة الحامل أطعمة معينة بناءً على تقاليد أو معتقدات شائعة، مما قد يعزز الرغبة في تناول تلك الأطعمة.

كيفية التعامل مع الوحام

في حين أن الوحام لا يعد مشكلة طبية كبيرة، إلا أنه قد يكون مزعجًا ويؤثر على الراحة العامة للمرأة الحامل. هناك عدة طرق للتعامل مع الوحام، مما يساعد على تقليل تأثيره على حياتها اليومية:

1. التحكم في الرغبات الغذائية:
   إذا كانت المرأة تشتهي أطعمة غير صحية مثل الحلوى أو الأطعمة المقلية، يمكنها محاولة تناول كميات صغيرة منها بدلاً من الإقلاع عنها تمامًا. يمكن أيضًا البحث عن بدائل صحية لهذه الأطعمة مثل الفواكه المجففة أو المكسرات التي يمكن أن تمنحها نفس الإحساس بالشبع دون التأثير الكبير على صحتها أو صحة الجنين.

2. تناول وجبات صغيرة ومتوازنة:
   يساعد تناول وجبات صغيرة ومتوازنة على تحسين الهضم وتقليل الشعور بالغثيان أو الضعف العام. يمكن للحامل أن تركز على تناول الأطعمة الغنية بالبروتينات، الألياف، والفيتامينات لضمان حصولها على العناصر الغذائية الضرورية.

3. شرب السوائل بكثرة:
   يعتبر شرب الماء والعصائر الطازجة من أهم الطرق لمكافحة الشعور بالغثيان الذي يرافق الوحام. قد يساعد أيضًا تناول الشاي العشبي مثل شاي الزنجبيل أو النعناع في تقليل الغثيان وتحسين الهضم.

4. الابتعاد عن الروائح المزعجة:
   إذا كانت الحامل تشعر بالانزعاج من روائح معينة، يمكنها تجنب التعرض لها قدر الإمكان. كما يمكنها فتح النوافذ أو استخدام معطرات هواء طبيعية لتخفيف حدة الروائح المزعجة.

5. التحدث مع الطبيب:
   إذا كانت أعراض الوحام شديدة أو تؤثر بشكل كبير على صحة المرأة أو الجنين، من المهم استشارة الطبيب. يمكن للطبيب تقديم مشورة طبية بشأن كيفية التعامل مع الوحام، وقد يوصي ببعض المكملات الغذائية إذا كان هناك نقص في بعض العناصر الغذائية.

خاتمة

الوحام هو حالة فسيولوجية طبيعية تحدث للعديد من النساء خلال فترة الحمل، وتسبب تغيرات في رغباتهن الغذائية ومزاجهن. على الرغم من أن الأعراض قد تكون مزعجة أحيانًا، إلا أنها عادة ما تكون مؤقتة. مع مرور الوقت، يمكن للمرأة الحامل أن تتعلم كيفية التعامل مع الوحام بشكل أفضل من خلال تعديلات بسيطة في نظامها الغذائي ونمط حياتها، مما يعزز راحتها خلال هذه الفترة الحساسة.